الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

لا أريد مجلساً.. أريد جرّة غاز


في لحظة أنتظر فيها – كما معظم الشعب الأردني – أن يطل علينا الدكتور عبدالله النسور ويغرّد ويشدي بقرار رفع الدعم، أكاد أؤكد بأن بعض القوى تحضّر للاحتجاج على قانون الصوت الواحد، بادّعاء أنها تهمّها المصلحة الوطنية وهمّها هو همّ الشارع.

أنا، كمواطن، وبصرف النظر عن توقعاتي تجاه نزاهة عملية الانتخاب المقبلة، لا يهمّني الآن من يمثلني في مجلس النوّاب القادم، ولا أكترث إن نجح يحيى السعود في الوصول إلى القبة ليرشق زملائه بحذاءه، ولا إن أخفق نجل رئيس بلدية أسبق في أن يحصل على أغلبية أصوات في دائرته! كل ذلك لن يهزّ شعرة في بدني المرتجف بعد أن شحّ الغاز من بيتي لإشعال "الصوبّة" جرّاء امتناع المزودين عن بيعه.

ما يهمّني الآن، هو أن أوقف جسدي عن الارتعاش، وأن أصل إلى غايتي في تدفأة أطرافي التي عجزت شتّى أنواع "البطانيّات" و"الجاكيتات" و"الجرابات" عن بلوغها! حتى أن جيوب "بيجامتي" السميكة لم تسعفني. فما حاجتي الآن لقانون انتخابٍ عصري "يلبّي طموحات الشعب الأردني"؟

قد أقدر مستقبلاً على تحمّل تكاليف جرة الغاز بعد أن تصل إلى 11 ديناراً، وقد أعبئ سيارتي بالبنزين بعد رفع الدعم عنه، لكن، لن أستطيع ذلك ليس بعد مرور نصف أيام الشهر، وحالي حال الكثير من أهل بلدي. ولكن، وبعد أن نسفت الحكومات المتعاقبة الطبقة الوسطى وحوّلتها إلى طبقة "عالريحة"، لا يسعني إلا أن أحاول الاغتراب، ليس لأني أريد الهروب من وطن عشقته، بل لأني أبحث عن الحياة الكريمة.

"السؤال القوي" كما يسميه أبو الغور: كيف ستتدفأ الطبقة الفقيرة؟ وكيف ستقي نفسها من البرودة الناجمة عن "دلف" مياه الأمطار إلى بيوتها المتهالكة؟ وماذا سيفعل قاطنو القرى التي نسيتها كل الموازنات الحكومية بعد هذا القرار؟ هل سيبقي من يملك السيارات منهم عليها؟ وإن قاموا ببيعها، ما هي البدائل المتاحة أمامهم في ظل تردي خدمات شبكة المواصلات في الأردن؟

لا يهمّني مجلسكم، ولا يهمّني قانون انتخابكم، ما يهمّني، وأتوقع أنه يهمّ معظم أبناء بلدي– على الأقل في المرحلة الراهنة - هو فقط.. حقّي في العيش الكريم، وحقّي في ألا يستخدم جيبي لرأب التصدّعات التي أصابت هيكل الاقتصاد الوطني، والتي نعرف جميعاً أن الفساد وسوء الإدارة هما سببان رئيسان فيها.

يرتعش الوطن الآن من قرارات غير مسؤولة وألغاز لم تفكّ بعد, من تسعيرة المحروقات إلى مصير المساعدات إلى غيرها الكثير الكثير. لنسعى أولاً إلى حياة كريمة، ثم فلنقفز إلى ما بعد ذلك من برلمانات وشعارات لا تفيد في مرحلة صعبة كهذه. ما يحتاجه الوطن هو أن تتكاتف قواه كافّة لوقف مسلسل التلاعب بقوت أبناءه، والذي هو أعرض الخطوط الحمراء، فكلّنا "يعرف البير وغطاه"، وكلنا ميقن بأن الحلّ الأنجع هو أن تشبع تلك الطبقة وتكتفي بهذا القدر ممّا اقتطعته من جيب المواطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق