الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

الأحزاب هي الملاذ




ذاق الأردنيّون الأمرّين نتيجة فشل المجالس النيابية السابقة ورداءة إفرازات العملية الانتخابية في السنوات الأخيرة، فمن مجلس 2007 وتزويره، إلى 111 الأخير بفساده و(فوسفاته) و(كازينوهاته) وأحذيته المتطايرة، وسيذوق الأردنيون الأمّرين مجدّداً من المجلس المقبل، حيث يمكن لمتابع إعلانات الترشّح اليومية التنبؤ بشكل هذا المجلس، فالشخصيات تتكرر، وإن لم تتكرر، فهي تحمل ذات التوجهات التي حملتها سلفها.

الأغلبية هي من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال القادرين على تحمل نفقات الدعاية الانتخابية.. شخصيات عشائرية.. وزراء سابقون.. نوّاب سابقون.. متقاعدون.. ولربما رؤساء حكومات سابقون.

المجلس الأخير كمثال، بدت فيه سطوة رجال "البزنس" واضحة، مقاولون وتجار وأصحاب مشاريع كبرى، لم يسعوا لإصلاح منشود، في ظل حالة استعصاء سياسي يشهدها الوطن، بقدر ما لهثوا خلف "الرضا" الرسمي والتنفّع من لقب "سعادة النائب" في تسهيل تعاملاتهم الحكومية وغير الحكومية وخدمة مصالحهم الشخصية.

بالأغلبية، كان المجلس السابق بعيداً كل البعد عن أي برامج سياسية واضحة تصل بالبلاد إلى بر الأمان وتُخطيها المرحلة الصعبة التي تمر بها، فالوطن بحاجة لساسة محنكين صادقي النية تجاه قضاياه تحت القبة، وليس لشخصيات جدلية بتاريخ أسود قد تكون سبباً في تكرار التجارب البرلمانية السابقة.

الجهات الرسمية ومؤسسات الدولة لا تزال تصرّ على تقييد حرية المواطنين، لا سيما الشباب منهم، في المشاركة السياسية والانتساب للأحزاب، بدلائل وإثباتات كثيرة، منها ما تداولته وسائل إعلام منذ عدة شهور حول منع إحدى الجامعات الرسمية لطلبة مكرمة القوات المسلحة من الانتساب لأي حزب سياسي.

لا يوجد أي مبرّر منطقي لموقف هذه الجهات المتعنّت تجاه الحياة الحزبية، ولا تفسير لذلك إلا أنها تريد بذلك بقاء الحال على ما هو عليه، في وقت لا مخرج فيه من وحل الأزمة السياسية سوى تعددية القوى الحزبية (الفاعلة) ذات البرامج والمواقف السياسية الواضحة، والقادرة على كسب تأييد جماهيري حقيقي، لا فقط بحشد الحد الأدنى القانوني لعدد الأعضاء، لتتنافس على الوصول إلى مراكز صنع القرار في سبيل تحقيق رؤاها الإصلاحية.

في حال إحياء ظاهرة الأحزاب الصحية، والمختبرة في غالبية الدول المتقدّمة، فإن من يتفق من الأردنيين في توجهاته وآراءه وغاياته مع حزب ما، سينتسب له للمشاركة في السعي لتحقيقها، وإذا اختلف أحدهم مع حزب، سيجد آخر يتماشى وطموحاته السياسية، حيث أن تطبيق التعددية سيتصدّى لامتلاء البرلمان بالمتنفّعين وأصحاب المصالح الضّيقة.

 motazfuqaha@gmail.com
Facebook/Twitter: mofuq

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق